للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن المفيد أن نتعرف إلى مدلول كلمة " السنن ":

السنن جمع سنة وهي لغة: الطريقة المسلوكة المتبعة. والسنة عند جمهور العلماء ترادف الحديث وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره وصفته، وقد ذهب بعضهم إلى أن هناك فرقا بين الكلمتين، وهو أن السنة هي الواقع العملي لمجتمع الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، ويتضح هذا التفريق في مثل قول عبد الرحمن بن مهدي عندما سئل عن سفيان بن عيينة ومالك والأوزاعي.

فقال: الأوزاعي إمام في السنة وليس بإمام في الحديث، وسفيان إمام في الحديث وليس بإمام في السنة ومالك إمام فيهما.

وقد فرق بعضهم بين الكلمتين تفريقا قريبا من هذا فذهب إلى أن الحديث قول النبي وفعله وتقريره ووصفه.

أما السنة فهي التي تعني حكما تشريعيا سواء روي فيه كلام أم لا.

وهناك استعمال خاص للسنن وهو أوثق صلة بموضوع بحثنا، وقد ذكره الكتاني في كتابه القيم " الرسالة المستطرفة " فقال:

وهي في اصطلاحهم الكتب المرتبة على الأبواب الفقهية من الإيمان والطهارة والصلاة والزكاة، وليس فيها شيء من الموقوف، لأن الموقوف لا يسمى في اصطلاحهم سنة، ويسمى حديثا) (١).

وهكذا فإن كتب السنن ينبغي أن تتوافر فيها الأمور الآتية:

١ - أن تكتفي بذكر الأحاديث وألا يذكر فيها شيء من الآثار.

٢ - أن تكون هذه الأحاديث متعلقة بالأحكام.

٣ - أن ترتب الأحاديث على أبواب الفقه (٢).

ومن هنا يتضح لنا لماذا سمي كتابه السنن، فذلك لأنه جمع أحاديثه من وجهة فقهية فلم يضمنه غير أحاديث الفقه والتشريع، مما ورد في الأخلاق والأخبار والزهد ونحو ذلك (٣). قال في " رسالته إلى أهل مكة ":

(وإنما لم أصنف في كتاب السنن إلا الأحكام، ولم أصنف كتب الزهد وفضائل الأعمال وغيرها) (٤).

ونقل بعضهم ممن لا علم لديهم ولا تحقيق عن القرطبي أنه سمى كتاب أبي داود في تفسيره " مصنف أبي داود "، وما أظنه إلا أنه يريد بذلك كتابه وليست تلك تسمية جديدة.


(١) " رسالة المستطرفة " ص ٣٢.
(٢) " الحديث النبوي " ص ١٩٩.
(٣) " تاريخ الأدب العربي " ٣/ ١٨٦.
(٤) " رسالة أبي داود " ص ٣٤.