للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال السيوطي في الإتقان: " قد أفردت في هذا النوع " كتابا سميته (المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب) وأنا ألخص فوائده فأقول: اختلف الأئمة في وقوع المعرب في القرآن فالأكثرون منهم الإمام الشافعي وابن جرير وأبو عبيدة والقاضي أبو بكر وابن فارس على عدم وقوعه فيه لقوله تعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} (١) وقوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} (٢) وقد شدد الشافعي النكيرة على القائلين بذلك.

وقال أبو عبيدة: إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين فمن زعم أنه غير العربية فقد أعظم القول ومن زعم أن "لدا" بالنبطية فقد أكبر القول، وقال ابن فارس: لو كان فيه من لغة غير العربية شيئا لتوهم أن العرب: إنما عجزت عن الإتيان بمثله لأنه أتى بلغات لا يعرفونها.

قال محمد تقي الدين الهلالي: إنما يمكن أن يقال ذلك إذا كان في القرآن تراكيب أعجمية، أو كلمات باقية على عجمتها، أما وجود كلمات قد صقلتها العرب بألسنتها، ونحت بها مناحي كلماتها، ودخلت في أوزانها فلا يمكن أحد أن يدعي ذلك فيها، وقد رد القرآن نفسه على من زعم ذلك من أعداء الإسلام الأولين فقال تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} (٣) وتحداهم أن يأتوا بسورة مثله بأشد أساليب


(١) سورة يوسف الآية ٢
(٢) سورة فصلت الآية ٤٤
(٣) سورة النحل الآية ١٠٣