للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما أكد النبي صلى الله عليه وسلم على هذا النهي في أكثر من موضع ومقام لما علمه في هذا الإطراء من وسيلة وطريق للغلو، ولعنايته عليه الصلاة والسلام بحماية جناب التوحيد، وسد أبواب الشرك، ومع ذلك فقد سلكت طوائف من الأمة سبيل الغلو حيث أبى عباد القبور إلا مخالفة لأمره وارتكابا لنهيه وناقضوه أعظم المناقضة، وظنوا أنهم إذا وصفوه بأنه عبد الله ورسوله، وأنه لا يدعى، ولا يستغاث به، ولا ينذر له، ولا يطاف بحجرته، وأنه ليس له من الأمر شيء، ولا يعلم من الغيب إلا ما علمه الله، أن في ذلك هضما لجنابه وغضا من قدره، فرفعوه فوق منزلته وادعوا فيه ما ادعت النصارى في عيسى أو قريبا منه، فسألوه مغفرة الذنوب، وتفريج الكروب، والعجب أن الشيطان أظهر لهم ذلك في صورة محبته عليه السلام وتعظيمه ومتابعته (١).

وهذا الحال الذي صار إليه بعض المنتسبين للإسلام، يظهر حكمة عناية القرآن والسنة بالنهي عن الغلو لكونه من أعظم أسباب الانحراف عن الاعتقاد الصحيح.

الفرع الثاني: التفريط

والتفريط: هو الترخص الذي يجفو بصاحبه عن كمال الامتثال.


(١) تيسير العزيز الحميد بشرح كتاب التوحيد، ص ٢٧٢، وما بعدها.