للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت الكهانة في الجاهلية فاشية خصوصا في العرب لانقطاع النبوة فيهم، وهي على أصناف منها: ما يتلقونه من الجن فإن الجن كانوا يصعدون إلى جهة السماء فيركب بعضهم بعضا إلى أن يدنو الأعلى بحيث يسمع الكلام فيلقيه إلى الذي يليه، إلى أن يتلقاه من يلقيه في أذن الكاهن فيزيد فيه، فلما جاء الإسلام ونزل القرآن حرست السماء من الشياطين، وأرسلت عليهم الشهب، فبقي من استراقهم ما يتخطفه الأعلى فيلقيه إلى الأسفل قبل أن يصيبه الشهاب، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} (١) وكانت إصابة الكهان قبل الإسلام كثيرة جدا كما جاء في أخبار شق وسطيح ونحوهما، وأما في الإسلام فقد ندر ذلك جدا حتى كاد يضمحل ولله الحمد (٢)

وقد جاء تحريم عمل الكهان وتحريم الذهاب إليهم في السنة المطهرة فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أتى امرأة حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد (٣)».

وروى مسلم بإسناده عن صفية عن بعض أزواج النبي عن


(١) سورة الصافات الآية ١٠
(٢) فتح الباري ١٠/ ٢٢٧.
(٣) رواه النسائي ٥/ ٣٢٣ وقال المنذري في الترغيب والترهيب إسناده حسن.