للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الخطابي أيضا:

(كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنف في علم الدين كتابه مثله، وقد رزق القبول من الناس كافة فصار حكما بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم فلكل فيه ورد ومنه شرب، وعليه معول أهل العراق وأهل مصر وبلاد المغرب وكثير من مدن أقطار الأرض. فأما أهل خراسان فقد أولع أكثرهم بكتابي محمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج (١) ومن نحا نحوهما في جمع الصحيح على شرطهما في السبك والانتقاد، إلا أن كتاب أبي داود أحسن رصفا وأكثر فقها) (٢).

وقال الخطابي أيضا:

(اعملوا أن الحديث عند أهله على ثلاثة أقسام: حديث صحيح، وحديث حسن، وحديث سقيم.

فالصحيح عندهم ما اتصل سنده وعدلت نقلته، والحسن منه ما عرف مخرجه واشتهر رجاله، وعليه مدار أكثر الحديث وهو الذي يقبله أكثر العلماء، ويستعمله عامة الفقهاء، وكتاب أبي داود جامع لهذين النوعين من الحديث، فأما السقيم منه فعلى طبقات شرها الموضوع ثم المقلوب - أعني ما قلب إسناده - ثم المجهول، وكتاب أبي داود خلي منها برئ من جملة وجوهها، فإن وقع فيه شيء من بعض أقسامها لضرب من الحاجة تدعوه إلى ذكره فإنه لا يألو أن تبين أمره ويذكر علته ويخرج من عهدته. وحكي لنا عن أبي داود أنه قال: ما ذكرت في كتابي حديثا اجتمع الناس على تركه ". وكان تصنيف علماء الحديث - قبل زمان أبي داود - الجوامع والمسانيد ونحوهما، فتجمع تلك الكتب إلى ما فيها من السنن والأحكام أخبارا وقصصا ومواعظ وآدابا، فأما السنن المحضة فلم يقصد واحد منهم جمعها واستيفاءها ولم يقدر على تخليصها واختصار مواضعها من أثناء تلك الأحاديث الطويلة ومن أدلة سياقها على حسب ما اتفق لأبي داود، ولذلك حل هذا الكتاب عند أئمة الحديث وعلماء الأثر محل العجب فضربت فيه أكباد الإبل ودامت إليه الرحل) (٣).

* وقال أبو حامد الغزالي عن " سنن أبي داود ":

" إنها تكفي المجتهد في أحاديث الأحكام ".

* وقال ابن القيم:

(لما كان كتاب " السنن " لأبي داود رحمه الله من الإسلام بالموضع الذي خصه الله به، بحيث صار حكما


(١) وهما البخاري ومسلم.
(٢) " معالم السنن " ١/ ١٠ - ١١.
(٣) " معالم السنن " ١/ ١١.