للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومحل إغراءاته وغوايته على نحو ما بين القرآن في وصف الشيطان إذ يقول على لسانه: لعنه الله: {وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} (١) {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} (٢) {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا} (٣) ومن هنا كانت مهمة الإسلام تزكية الفطرة وتسليحها بشرائع الحق وتكليفها بواجبات الخير والهدى لتنضبط في سيرها وتستقيم في حياتها فلا يميل بها هوى جامح أو شهوة منحرفة عن طرق الحق: وبذلك لا يجد الشيطان إليه سبيلا وصدق الله إذ يقول: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} (٤) {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} (٥) {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} (٦) {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (٧) ويقول في مهمة نبيه الكريم: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (٨) هذه التزكية التي جاء بها الإسلام جاءت شاملة لحياة الفرد، والجماعة: لم تترك جانبا من جوانب الحياة ولا أمرا من أمورها إلا بينته ووضحته، وإنك لتجد مصداق ذلك في النظام الحق الذي وضعه العليم الخبير وجاء به الوحي؛ فلا غرو حينئذ أن تكون رسالة الإسلام هي رسالة الحق الكامل التام، يقول الله تعالى لنبيه الكريم: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} (٩).

إن هذا الهدى الذي جاءت به هذه الرسالة بثه الله في خلقه ليعمل في الفطرة البشرية كما تعمل النواميس الكونية سواء بسواء، فكما أن الماء ينزل من السماء فيحيي الله به الأرض بعد موتها فكذلك النفوس البشرية إذا اهتدت بالوحي وقامت


(١) سورة النساء الآية ١١٨
(٢) سورة النساء الآية ١١٩
(٣) سورة النساء الآية ١٢٠
(٤) سورة الشمس الآية ٧
(٥) سورة الشمس الآية ٨
(٦) سورة الشمس الآية ٩
(٧) سورة الشمس الآية ١٠
(٨) سورة الجمعة الآية ٢
(٩) سورة يونس الآية ١٠٨