للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنفيذ ذلك الحق على القريب والصديق وضدهما ... " (١)، فإدخال الواقعة في الحكم الشرعي هو تنزيل الحكم على الواقعة، وهو اجتهاد لا بد منه.

إن الاجتهاد في تنزيل الأحكام على الوقائع في القضاء أو الفتوى لا يستغنى عنه بالتقليد، بل هو فريضة في كال نازلة؛ لأن كل واقعة قضائية أو فتوية نازلة مستأنفة لم يسبق لها مثيل، فتحقيق المناط فيها متجدد لا ينضبط بمناط واحد، فلا يمكن التقليد فيها؛ يقول الشاطبي (ت: ٧٩٠هـ): " لا يمكن أن يستغنى ههنا بالتقليد؛ لأن التقليد إنما يتصور بعد تحقيق مناط الحكم المقلد فيه، والمناط هنا لم يتحقق بعد؛ لأن كل صورة من صور النازلة نازلة مستأنفة في نفسها ولم يتقدم لها نظير، وإن تقدم لها في نفس الأمر فلم يتقدم لنا، فلا بد من النظر فيها بالاجتهاد، وكذلك إن فرضنا أنه تقدم لنا مثلها فلا بد من النظر في كونها مثلها أو لا، وهو نظر اجتهاد أيضا ... ويكفيك من ذلك أن الشريعة لم تنص على حكم كل جزئية على حدتها، وإنما أتت بأمور كلية، وعبارات مطلقة تتناول أعدادا لا تنحصر، ومع ذلك فلكل معين خصوصية ليست في غيره ولو في نفس التعيين. (٢).


(١) بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار ١٤٨، وانظر: ٢٤٠ من المرجع نفسه.
(٢) الموافقات في أصول الشريعة ٤/ ٩١، ٩٢.