ثم ينتقل بعد ذلك إلى تشخيص المرض، فيقوم بدراسة الفحوص التي أجراها، والتقارير التي أعدها المحللون؛ ليحدد ويقرر من خلالها تشخيص الداء مستعينا في ذلك بالمشاورة الطبية عند الاقتضاء.
ثم بعد ذلك ينتقل إلى تقرير العلاج سواء كان دواء أم عملية جراحية، وهي مرحلة تبنى على ما سبقها، فإن كان التشخيص صحيحا صار العلاج ناجعا؛ لأن من عرف الداء سهل عليه معرفة الدواء (١).
وهكذا العمل القضائي في تنزيل الأحكام على الوقائع يمر بمراحل واحدة بعد الأخرى حتى الحكم في القضية، وقد أشار ابن خلدون (ت: ٨٠٨هـ) إلى مراحل تنزيل الحكم على الواقعة القضائية، فهو يقول: " يتأنى - يعني: القاضي - على المدعي حتى يذكر ما عنده كله، ويتفهمه حتى يعلم قطعا مراده، ثم يسأل المدعى عليه رافقا به متأنيا عليه حتى يذكر جميع ما عنده، ويتفهمه جهده، ثم يستجلي الحال منهما ومن العالم بواقعتهما بأحسن استجلاء، وبأشد إيضاح، إذا تصور الواقعة، كالشمس ليس دونها سحاب، فليميز بين ما اتفقا عليه وما اختلفا فيه، فإذا وضحت القصة جيدا، فليستحضر حكم تلك الواقعة لا برأي
(١) التداوي والمسئولية الطبية في الشريعة الإسلامية ٥١ - ٨٧.