للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض تفردات الثقات الكبار أيضا، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه " (١).

ويستفاد من كلام ابن رجب أن الأئمة الحفاظ قد يستنكرون بعض تفرد الأئمة الكبار، وذلك - والله أعلم - إذا وجد ما يدعو إلى الاستنكار مثل نكارة المتن، ويؤخذ من كلامه أيضا أن قوة الراوي واشتهاره بالحفظ والضبط والإتقان يجبر ما يحصل من تفرد، ويدل على هذا قول مسلم: " وللزهري نحو من تسعين حديثا يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يشاركه فيه أحد بأسانيد جياد " (٢).

٣ - أن يحصل التفرد في الطبقات المتأخرة بعد انتشار الراوية، وحرص الرواة ورغبتهم في تتبع المرويات وجمعها، والرحلة إلى البلدان لهذا الغرض، وقد أشار إلى هذا الذهبي، فقال بعد أن ذكر طبقات الحفاظ: " فهؤلاء الحفاظ الثقات، إذا انفرد الرجل منهم من التابعين فحديثه صحيح، وإن كان من الأتباع قيل: صحيح غريب، وإن كان من أصحاب الأتباع قيل: غريب فرد، ويندر تفردهم، فتجد الإمام منهم عنده مائتا ألف حديث لا يكاد ينفرد بحديثين أو ثلاثة ومن كان بعدهم، فأين ما ينفرد به؟ ما علمته، وقد يوجد. . . وقد يسمي جماعة من الحفاظ الحديث الذي ينفرد به مثل


(١) شرح علل الترمذي (١/ ٣٥٢).
(٢) صحيح مسلم (٣/ ١٢٦٨)، تدريب الراوي (١/ ٢٣٤).