للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باطل لأنهم ظنوا أن كل مخلوق لا بد أن يكون محبوبا ومرادا لله، فخلطوا بين الإرادتين؛ الإرادة الكونية والإرادة الدينية الشرعية، فالإرادة الكونية تستلزم وقوع المراد، وهو ما قدره الله عز وجل وشاءه من الحوادث، والتي منها الكفر وسائر المعاصي والله عز وجل أرادها ولم يأمر بها ولم يرضها ولم يحبها؛ لأن الله عز وجل لا يأمر بالفحشاء، ولا يرضى لعباده الكفر، ولولا مشيئة الله وقدرته وخلقه لما كانت، ولما وجدت، فإنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ومن أدلة هذا النوع قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} (١). وأما النوع الثاني من الإرادة فهو الإرادة الدينية الشرعية وهي التي تستلزم محبة المراد ورضاه، ومحبة أهله، والرضا عنهم، والتي منها ما أمر الله به عز وجل من الأعمال الصالحة، فإن الله عز وجل أراد ذلك دينا وشرعا، فأمر به وأحبه ورضيه، وأراده إرادة كون فوقع، ولولا ذلك لما كان، ومن أدلة هذا النوع قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٢).

الثاني: أنهم سلبوا العبد قدرته ومشيئته واختياره، وهذا الزعم في الحقيقة مخالف للشرع والعقل والحس.

والأدلة الشرعية متضافرة في نسبة أفعال العباد إليهم، وأن العبد يمدح أو يذم على ما يصدر عنه من أفعال ممدوحة أو مذمومة، وليس لأحد أن يفعل


(١) سورة البقرة الآية ٢٥٣
(٢) سورة البقرة الآية ١٨٥