حاجين أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلا المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم وذكر من شأنهم، وأنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنف، قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم براء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدكم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر، ثم قال: حدثني أبي عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما ... فذكر حديث جبريل».
وقد أخذ معبد هذه المقالة عن رجل نصراني أسلم ثم تنصر، قال الأوزاعي: أول من نطق في القدر رجل من أهل العراق، يقال له: سوسن، كان نصرانيا فأسلم ثم تنصر فأخذ عنه معبد الجهني وأخذ غيلان عن معبد (١).
وبعد أن أخذ غيلان بن مسلم هذه المقالة عن معبد رفع أمره إلى عمر بن عبد العزيز: فأتي به، وناظرهم، فأظهر توبته وأنه رجع عما كان عليه فأطلقه عمر: فلما توفي عمر بن عبد العزيز وتولى هشام بن عبد الملك،
(١) أخرجه الآجري في الشريعة ص (٢٤٢)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٤/ ٧٥٠).