للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يؤمنون بأن للعباد مشيئة وقدرة، يفعلون بمشيئتهم وقدرتهم ما أقدرهم الله عليه مع قولهم: إن العباد لا يشاءون إلا أن يشاء الله كما قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ} (١) {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} (٢) {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} (٣)، (٤).

هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة في الإيمان بالقضاء والقدر وهو الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وأجمع السلف الصالح عليه، يقول ابن بطة: وهو يبين معتقد أهل السنة والجماعة في مسألة القضاء والقدر: ( ... ثم من بعد ذلك الإيمان بالقدر خيره وشره، وحلوه ومره، وقليله وكثيره، مقدور واقع من الله عز وجل على العباد في الوقت الذي أراد أن يقع، لا يتقدم الوقت ولا يتأخر على ما سبق بذلك علم الله، وأن ما أصاب العبد لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما تقدم لم يكن ليتأخر، وما تأخر لم يكن ليتقدم، وفي هذا من صحة الدلائل وثبوت الحجة في جميع القرآن وأخبار المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ما لا يمكن دفعه، ولا يقدر على رده إلا بالافتراء على الله عز وجل ومنازعته في قدره، وإلى ما وصفناه دعت الرسل وأنزلت الكتب، وعليه اتفق أهل التوحيد ممن أقر لله بالربوبية وعلى نفسه بالعبودية من ملك مقرب ونبي مرسل، منذ كان الخلق إلى انقضائه مجمعون على أنه ليس


(١) سورة المدثر الآية ٥٤
(٢) سورة المدثر الآية ٥٥
(٣) سورة المدثر الآية ٥٦
(٤) انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٨/ ٤٤٩ - ٤٥٢).