للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآيات في شأن حاطب، قال: (فدخل حاطب في المخاطبة باسم الإيمان، ووصفه به، وتناوله النهي بعمومه، وله خصوص السبب، الدال على إرادته، مع أن في الآية الكريمة ما يشعر أن فعل حاطب نوع موالاة، وأنه أبلغ إليهم بالمودة، وأن فاعل ذلك قد ضل سواء السبيل، لكن قوله: (صدقكم، خلوا سبيله) ظاهر في أنه لا يكفر بذلك، إذ كان مؤمنا بالله ورسوله، غير شاك ولا مرتاب، وإنما فعل ذلك لغرض دنيوي، ولو كفر لما قال: خلوا سبيله. ولا يقال، قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم (١)» هو المانع من تكفيره؛ لأنا نقول: لو كفر لما بقي من حسناته ما يمنع من لحاق الكفر وأحكامه؛ فإن الكفر يهدم ما قبله، لقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} (٢)، وقوله: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٣) والكفر محبط للحسنات والإيمان بالإجماع؛ فلا يظن هذا.

وأما قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (٤)، وقوله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (٥) وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (٦)


(١) صحيح البخاري الجهاد والسير (٣٠٠٧)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤٩٤)، سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٣٠٥)، سنن أبي داود الجهاد (٢٦٥٠)، مسند أحمد (١/ ٨٠).
(٢) سورة المائدة الآية ٥
(٣) سورة الأنعام الآية ٨٨
(٤) سورة المائدة الآية ٥١
(٥) سورة المجادلة الآية ٢٢
(٦) سورة المائدة الآية ٥٧