لسعد بن عبادة لما انتصر لابن أبي في قصة الإفك، فقال لسعد بن معاذ: والله لا تقتله، ولا تقدر على قتله. قالت عائشة: وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية. ولهذه الشبهة سمي عمر حاطبا منافقا .. فكان عمر متأولا في تسميته منافقا للشبهة التي فعلها.
فإذا ثبت أن ما فعله حاطب ليس ردة - وهذا مجمع عليه - مع أن رسالته لو وصلت إلى مشركي مكة لاستعدت قريش للحرب، وهذا خلاف ما قصد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من تعمية خبر غزوه لهم، فما عمله حاطب إعانة عظيمة للكفار في حربهم للمسلمين في غزوة من أهم الغزوات الفاصلة في الإسلام - إذا ثبت ذلك علم أن الإعانة لا تكون كفرا حتى يكون الحامل عليها محبة الكفار والرغبة في انتصارهم على المسلمين.
وهذا كله إنما هو في حق من كان مختارا لذلك، أما من كان مكرها أو ملجئا إلى ذلك إلجاء اضطراريا كمن خرج مع الكفار لحرب المسلمين مكرها ونحو ذلك فلا ينطبق عليه هذا الحكم لقوله تعالى: