للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا فلا تعتبر المدافعة والتسويف في قضاء الدين مطلا إذا كان الدين مؤجلا في الذمة؛ لأن الدائن لما رضي بتأجيل دينه، فقد أسقط حقه في التعجيل، ولم يعد له قبل المدين حق في استيفائه قبل حلول الأجل، ومن ثم فلا يعتبر الممتنع عن الوفاء في هذه الحالة مماطلا، بل متمسكا بحق شرعي (١).

وقد أوضح الباجي هذا المعنى بقوله: " المطل: هو منع قضاء ما استحق عليه قضاؤه فلا يكون منع ما لم يحل أجله من الديون مطلا، وإنما يكون مطلا بعد حلول أجله، وتأخير ما بيع على النقد عن الوقت المعتاد في ذلك على وجه ما جرت عليه عامة الناس من القضاء " (٢).

ولا يعتبر مماطلا أيضا من امتنع عن الوفاء لأجل عذر طرأ عليه مثل العجز المالي أو نقص في السيولة، وقد صالح الدائن ببعض ما له عليه من الحق بأشياء عينية من عقار أو سلع ونحوه. لأنه ربما يحصل كساد لبعض السلع، فلا يمكن بيعها، وليس عنده من المال ما يوفي به الدين الذي عليه، فالدائن إما أن يصبر وإما أن يعتاض عن دينه بهذه الأشياء العينية التي يمتلكها المدين.

مسألة: وهل يتصف بالمطل، من ليس القدر الذي استحق عليه حاضرا عنده، لكنه قادر على تحصليه بالتكسب والعمل والتجارة مثلا؟


(١) انظر: دليل الفالحين (٤/ ٤٥٩)، قضايا فقهية معاصرة، د / نزيه حماد، ص ٣٢٢.
(٢) المنتقى شرح الموطأ للباجي (٥/ ٦٦).