للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولقد حرص الإسلام بتعاليمه وتوجيهاته أن لا تكون ذمة المرء مشغولة بحقوق العباد ومظالمهم، فحذر ورغب، ووعد وتوعد، تارة بالتهديد والتخويف، وتارة بالترغيب والتحفيز، كي يلقى المرء ربه، وليس أحد يطلبه في مظلمة في عرض ولا مال.

ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كانت عنده مظلمة لأخيه، فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه (١)».

وفي هذا الحديث العظيم دلالة ظاهرة على وجوب التخلص من حقوق العباد في الدنيا، وطلب التحلل والسماح منهم، قبل أن يأتي يوم القيامة، ولا ينفع بعد ذلك دينار ولا درهم، {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ} (٢) {وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ} (٣) {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ} (٤) {وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ} (٥).

والمصيبة والفضيحة يوم أن لا يكون عند المرء حسنات يقتص بها منه لصاحبه، فحينئذ يؤخذ من سيئات صاحبه فتطرح عليه ثم يلقى في النار. وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من مغبة أخذ أموال الناس بأي وسيلة كانت وهو ينوي عدم إرجاعها إلى


(١) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٦٥٣٤).
(٢) سورة المعارج الآية ١١
(٣) سورة المعارج الآية ١٢
(٤) سورة المعارج الآية ١٣
(٥) سورة المعارج الآية ١٤