للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما من كانت نيته المماطلة والجحود وعدم الوفاء - كما هو عمل بعض المسلمين اليوم والله المستعان - فقد قصد إتلاف حق الدائن، ومن أراد إتلاف حق الدائن أتلفه الله سبحانه وتعالى، والويل لمن يكون الله تعالى خصمه، وظاهر الحديث أن الإتلاف يقع له في الدنيا، وذلك في معاشه أو في نفسه كما قال الحافظ ابن حجر ثم قال: وهو علم من أعلام النبوة، لما نراه بالمشاهدة ممن يتعاطى شيئا من الأمرين (١).

وقيل المراد بالإتلاف عذاب الآخرة، غير أن إطلاق الحديث يفيد العموم والله أعلم.

وفي هذا الحديث الشريف الحض على ترك استئكال أموال الناس والترغيب في حسن التأدية إليهم عند المداينة، وأن الجزاء قد يكون من جنس العمل، كما قال ابن بطال - رحمه الله - (٢).

وقد حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على عدم التسارع إلى أخذ أموال الناس حتى لا يبقى المسلم مدينا، وحذر من مغبة الدين، فمن تشديد النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك: أنه «كان عليه الصلاة والسلام إذا مات الميت وأتي به للصلاة عليه سأل عليه الصلاة والسلام هل عليه دين، فإن قيل نعم قال: فهل ترك شيئا، فإن قالوا: ترك صلى عليه، وإلا قال: صلوا على صاحبكم (٣)»


(١) انظر: فتح الباري (٥/ ٥٤)
(٢) انظر: فتح الباري (٥/ ٥٤)
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٢٢٨٩ و ٢٢٩٨) ومسلم في صحيحه (٣/ ١٢٣٧).