للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو اللسان. وعلى هذا لا يحسن استعمال لفظ الجحود في مطلق الإنكار في باب الدعاوى وغيرها؛ لأن المنكر قد يكون محقا فلا يسمى جاحدا (١).

ولهذا يقول النووي في معنى الجاحد من أنكر شيئا سبق اعترافه به (٢).

فإذا أنكر المدين الدين وجحده فقد تعذر حصول الدائن على دينه ولا شك أن فعل المدين إثم وكبيرة يخشى عليه منها ولهذا قال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} (٣) قال ابن عباس رضي الله عنه: هذا في الرجل يكون عليه مال، وليس فيه بينة، فيجحد المال، ويخاصم إلى الحكام، وهو يعرف أن الحق عليه وهو يعلم أنه آثم آكل حرام (٤).

ربما يكون امتناعه عن الوفاء بالدين ليس لأجل عدم وجود بينة عند الدائن؛ ولكن لأن المدين ربما يكون صاحب نفوذ، أو أن الدائن يكون له مصلحة عند المدين، فيخشى أن لو تقدم بالمطالبة بدينه الذي على المدين، لحصل له ضرر وترتب على ذلك ترك المدين التعامل معه، مثل أصحاب الوكالات مع الموزعين المعتمدين فلربما يكون لأصحاب الوكالات في المناطق مع الموزع المعتمد في الدوقة حقوق وديون متراكمة


(١) بدائع الفوائد (٤/ ١١٨).
(٢) انظر: تحرير ألفاظ التنبيه للنووي ص ٥٠.
(٣) سورة البقرة الآية ١٨٨
(٤) انظر تفسير ابن كثير (١/ ٢٢٥).