للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحوال الناس المشاحة في البيع والشراء، فإذا نقصه من ذلك وإن كان ظاهر البائع الرضا فالغالب عدم رضاه لما تقرر من العوائد ومن رغبة النفوس في أخذها جميع حقها، ولو لم يكن فيه إلا ذل السؤال في أن يحط عنه شيئا مما له عليه لكان كافيا في الذم، فكيف وقد جمع مع ذلك استشراف النفس والشره سيما إن كان غنيا والبائع فقيرا (١).

ولا شك أن سوء تصرف البائع وعدم مرونته وسوء خلقه، لا يمكن أن يخول المدين بالمماطلة والتسويف؛ لأن الخطأ لا يعالج بالخطأ، وربما تكون تصرفات البائع غير أخلاقية ودليلا على سوء الأدب، أما المدين بمماطلته الحقوق يكون آثما بذلك.

وأكثر التعاملات التجارية التي تكون في المحاكم من أسباب تأخير الوفاء منها هو سوء العلاقة بين الطرفين، وعدم المرونة في التعامل والتسامح فيه وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى (٢)»، قال الحافظ ابن حجر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا اقتضى: أي طلب قضاء حقه بسهولة وعدم إلحاف، في رواية حكاها ابن التين (وإذا اقتضى) أي أعطى الذي عليه بسهولة بغير مطل، وللترمذي والحاكم من حديث أبي هريرة مرفوعا «إن الله يحب سمح البيع، سمح الشراء سمح القضاء (٣)» وللنسائي من حديث عثمان رفعه


(١) المدخل (٤/ ٥٨ - ٥٩).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه. فتح الباري (٤/ ٣٠٦).
(٣) سنن الترمذي البيوع (١٣١٩).