للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأحزان ما الله به عليم؛ حيث ترى أمثالها قد تزوجن وولد لهن الولد ورزقهن الله الذرية وعشن عيشة هنيئة سعيدة وتحققت آمالهن في الحياة الكريمة والولد الصالح الذي يرجى بره وإحسانه ومنفعته لوالديه ودينه، وهي قد حرمت من ذلك كله بسبب عضلها من قبل وليها الظالم لها.

كما أن منع المرأة من الزواج فيه تقليل لنسل المسلمين ومصادمة لشرع الله الذي حث على الإكثار من النسل ليقوى به جانب المسلمين ويرهبوا عدوهم لما في الكثرة من القوة والغلبة والاستغناء عن الغير في كثير من مجالات الحياة.

فاتقوا الله أيها الأولياء فيمن ولاكم الله عليهن وجعل أمرهن إليكم، واعلموا أنكم ستحاسبون أمام حكم عدل فيما اقترفته أيديكم من الظلم لمولياتكم ومنعهن من الزواج الذي أباحه الله لعباده وجعله طريقا مشروعا للتناسل، تتكون فيه الأسر الصالحة وتربى فيه الأجيال المؤمنة بربها القائمة بأمر دينها النافعة لأوطانها.

واعلموا أن من الأمور التي تساعد على انتشار الزواج تيسيره والإقلال من مؤنته والقناعة في المهر وعدم المغالاة فيه إلى الحد الذي يرهق كاهل الصهر، ويدفعه إلى الاستدانة مما يجعله حبيس الهموم والأحزان بدلا من الراحة والاطمئنان اللذين ينشدهما في الزواج، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة (١)» ومما يشرع للمولى أن يختار لموليته الرجل الصالح التقي ولو لم يكن غنيا أو وجيها فإن في ذلك إحسانا إلى المرأة وعناية بمستقبلها وسلامة دينها، وأن الرجل الصالح ليصون دين المرأة ويمنعها مما يشينها ويساعدها على الاستقامة والصلاح مع ما في ذلك من طاعة للرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: «إذا أتاكم من ترضون دينه، وأمانته، فزوجوه، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير (٢)» ومن كمال النصح لموليته أن يبحث لها هو بنفسه عمن يصلح زوجا لها فقد فعل مثل ذلك بعض السلف الصالح كما ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه عرض على أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان رضي الله عنهما الزواج من ابنته حفصة بعد وفاة زوجها لعلمه رضي الله عنه بصلاحهما وتقواهما ومنزلتهما في الإسلام، ومعلوم أن سنته تتبع كما قال عليه الصلاة والسلام: «عليكم


(١) مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٨٢).
(٢) سنن الترمذي النكاح (١٠٨٤)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٦٧).