ولا أبلغ في بيان مكانة المفتين في هذه الأمة من أن رب العالمين؛ أوجب على عموم المؤمنين طاعتهم بنص كتابه العزيز، قال الله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}(١).
واستنباطا من هذا المعنى القرآني عبر ابن القيم وغيره من العلماء - رحم الله الجميع -: أن المفتي موقع عن رب العالمين! فطبيعة عمل المفتي عند تحليلها بدقة نجد أنها: قول على الله وإخبار عنه، بما سيعد فيما بعد تشريعا داخلا في دين الله، يتعبد المكلف به ربه تعالى، فإذا صدرت الفتوى من أهلها المعتبرين بشروطها المعتبرة كانت أقرب إلى الحق بإذن الله؛ وبالتالي ستكون دلالة على الخير والرشاد، وإذا كانت خلاف ذلك فقد ضل صاحبها وأضل! وكم من فتوى طارت بها الركبان وطبقت الآفاق؛ وقد جانب الحق والصواب، عمل بها أقوام ورثها من بعدهم آخرون حتى أضحت من دين الله، وهي ليست منه، فكانت مثل السنة السيئة التي على صاحبها وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، فخطر المفتي عظيم، فإنه موقع عن الله ورسوله، زاعم أن الله أمر بكذا، وحرم كذا، أو أوجب كذا!
وهذا كله عند التفريط في إعطاء المسألة حقها من النظر، أو إذا كان المخبر بالحكم مفتئت متقول على الله ليس من أهل الاجتهاد، أما