للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فألف رحمه الله كتابه العظيم الفريد في بابه الموسوم بـ (الاعتصام) الذي حرر فيه معنى البدعة وقواعد التفريق بينها وبين السنة، وعرض فيه الكثير من الشبه التي قد تفسد على المكلفين صحة المنهج وسلامة المعتقد، ثم كر عليها بالبيان والنقض.

وكذلك كانت له فتاوى مشهورة (١)، ومن تلك الفتاوى أذكر هذا النموذج الذي يتعلق ببيان البدعة من السنة:

فقد سئل - رحمه الله - عن تكبير العيدين بصوت واحد، وأنه كما جاء في السؤال (من بدع الخير التي شهد الشرع باعتبار حسنها .. ).

فأجاب: الحمد لله أما من لم يكبر في مواضع التكبير فقد فاتته سنة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء بالسلف الصالح، وكفى بذلك خسرانا، وأما قول القائل: إن التكبير على صوت واحد فيه الأجر! فإن أثبت ذلك نقلا صريحا لا احتمال فيه عن السلف صح الأجر، وإلا فلا أجر فيه ألبتة، وأما قوله: إنه من بدع الخير التي شهد الشرع بحسنها فغلط؛ إذ لا بدعة في الدنيا يشهد الشرع باعتبار حسنها، بل الأمر بضد ذلك لقوله عليه السلام: «كل بدعة ضلاله (٢)» وأشباهه.

والمسألة وإن كانت في فرع فقهي، إلا أن الذي يعنينا هو بيان


(١) انظر: (فتاوى الإمام الشاطبي) تحقيق: د. محمد أبو الأجفان.
(٢) (فتاوى الشاطبي) (ص ٢٠٢).