للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحاصل القول: أن هذه الأمة أمة الوسط، الوسط في القول والعمل، الوسط في التصورات والمواقف، والوسط - وتأكيدا لما سلف - ليس معناه الأخذ من كل قول أو مذهب بطرف، والتجميع لنصل لقول أو موقف متوسط بين طرفين، فهذا يعني أن يكون القول الوسط ردة فعل جاءت للتوفيق بين قولين أو رأيين على طرفين متقابلين، بل القول والمنهج الوسط - بحسب ما أفهمه - هو: القول الحق الذي دلت عليه النصوص الشرعية، وبينه علماء الأمة؛ فهو الحق الموجود أصلا، علمه من علمه وجهله من جهله!!

وهذا (الحق) تجده دائما وسطا عدلا لا إفراط فيه ولا تفريط، لا تمييع ولا غلو، والناس فيه ما بين مصيب له أو مجانف عنه، وهذا يدفعني إلى القول هنا بلزوم التوازن في معالجة قضايا الغلو.

فالغلو له جانبان أو صورتان: غلو في التمسك والتشدد في التطبيق؛ لم يأذن به الله، ولم تأت بها شريعته؛ التي من أصولها (رفع الحرج، والتيسير)، ونبيها صلوات الله وسلامه عليه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.

والصورة الأخرى للغلو: غلو في الانحلال والتميع، والتفلت من نصوص الشرع وقواعده؛ يؤدي إلى التطاول على محكماته، وهو أيضا