للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً} (١) ونظير ذلك قوله تعالى في سورة الواقعة: {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا} (٢) {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} (٣) {فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} (٤) فتفسيرها بدوران الأرض لتكون معجزة مخالف لسياق الكلام، وخروج بها عن نظائرها من آيات القرآن في نفس الموضوع، بل مخالف لظاهر الآية نفسها، فإن الدوران لا يقابل الجمود بل الذي يقابل جمود الجبال وجعلها رواسي للأرض كونها هباء منبثا كالعهن المنفوش تطيرها الرياح فتمر مر الحساب بعد أن كانت أحجارا صلبة متماسكة مستقرة على الأرض أوتادا لها، فكيف يجعل الخطأ في بيان المراد من الآية معجزة يثبت بها أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله وأن القرآن تنزيل من رب العالمين؟.

ثانيا: أن قوله تعالى في سورة يونس: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} (٥) الآية وقوله تعالى في سورة الفرقان: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} (٦) دليل على أن نور القمر مستفاد من نور الشمس وذلك دليل على إعجاز القرآن وهذا استنباط باطل فإنه ليس في الآيتين دليل على ذلك ولا فهم العرب منهما هذه النظرية العلمية وهم أهل العربية وأعرف باللغة التي بها نزل القرآن، وإعجاز القرآن لا يحتاج في إثباته إلى أمثال ما ذكر المحاضر، وكون نور القمر مستفاد من نور الشمس لا يتوقف ثبوته على القرآن بل عرف من طريق آخر كحادث خسوف القمر المتكرر على مر الزمان، ومعرفة ذلك في متناول البشر لكونه متصلا بعلم التسيير وهو من علم الفلك فيعرفه من له دراية بعلم الفلك فكيف يجعل ذلك دليلا تثبت به الرسالة وإعجاز القرآن؟


(١) سورة النمل الآية ٨٨
(٢) سورة الواقعة الآية ٤
(٣) سورة الواقعة الآية ٥
(٤) سورة الواقعة الآية ٦
(٥) سورة يونس الآية ٥
(٦) سورة الفرقان الآية ٦١