للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالصدقة تبطل بما يتبعها من المن والأذى، فما بقي ثواب الصدقة بخطيئة المن والأذى، فلا بد من انتفاء كل منهما، أي المن والأذى، وإن كان بعضهم يرى أنهما ملازمان وذلك مثل أن يقول: قد أعطيتك فما شكرت، ففيها منة وأذى (١).

وكان سبحانه قبل هذه الآية مدح الذين ينفقون في سبيله، ثم لا يتبعون ما أنفقوا من الخيرات والصدقات منا على من أعطوه، فلا يمنون على أحد، ولا يمنون به لا بقول ولا بفعل (٢)، فقال: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (٣). ونبه بقوله " ثم " على أن المن والأذى ولو تراخى عن الصدقة وطال زمنه ضر بصاحبه ولم يحصل له مقصود الإنفاق (٤).

وإذا كانت المنة في النفقة في سبيل الله مذمومة، فمن باب أولى ذمها وذم صاحبها في غيرها من النفقات (٥).

وقال الضحاك: ألا ينفق الرجل ماله خير من أن ينفقه ثم يتبعه منا وأذى، فضرب الله مثله كمثل كافر أنفق ماله، لا يؤمن بالله ولا باليوم


(١) تفسير ابن كثير ١/ ٣٢٥، وينظر الزواجر للهيتمي ١/ ١٨٩
(٢) تفسير ابن كثير ١/ ٣٢٥،
(٣) سورة البقرة الآية ٢٦٢
(٤) طريق الهجرتين، ابن القيم ٣٦٦
(٥) ينظر: فتح الباري، ابن حجر ٣/ ٢٩٨