ثم لعلك أن تقول: إن بعض النساء قد تكون أقوى قلبا من الرجال، وعكسه لبعض الرجال.
قيل: الحكم إذا علق بمظنة استوى وجودها وعدمها.
وقد زعم أن ما في حديث (فزوروها) يتناول النساء، وهذا جهل وغلط.
النهي له وجهان لكل وجه علة، فالنهي بالنسبة إلى الجميع عن الزيارة مطلق، ثم أذن للرجال؛ لزوال العلة، ولما فيه من الإحسان للميت بالدعاء له، وتذكر الآخرة، ولم يؤذن للنساء؛ لعلة أخرى لم تزل، فالعلة الأولى زالت برسوخ الإيمان، وانقطاع التعلق بالقبور المسببة للوثنية، لقوله (نهيتكم). وهنا نهي آخر خاص بالنساء وعلة أخرى وهو من أجل ما اتصفن به من الخور والضعف وعدم الصبر؛ ولهذا في الحديث «ارجعن مأزورات غير مأجورات، فإنكن تفتن الحي وتؤذين الميت (١)» فتنة الحي ظاهرة لا سيما الشباب، وإيذاؤهن الميت بالبكاء والصراخ.