للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (١) فظاهر هذا أنه قد سمي بالشرع القول الذي مخرجه مخرج الشرط أو مخرج الإلزام دون شرط ولا يمين يمينا، فيجب أن تحمل على ذلك جميع الأقاويل التي تجري هذا المجرى إلا ما خصصه الإجماع من ذلك مثل الطلاق، فظاهر هذا الحديث يعطي أن النذر ليس بيمين وأن حكمه حكم اليمين» (٢) اهـ.

قلت: يفهم مما ذكره ابن رشد أن ما جاء بهذه الصيغ مما يقصد به الحث أو المنع أنها تسمى في عرف الشرع يمينا، وبالتالي يجب فيها ما يجب في اليمين إلا ما خصصه الإجماع مثل الطلاق، لكن قد تقدم أن الطلاق ليس محل إجماع، وأما ما ذكره من أن هذا يعسر على المالكية من كونهم يسمونها يمينا ولا يرون أن فيها حكم اليمين هو كذلك يعسر على غير المالكية من الحنفية والشافعية والحنابلة حيث إنهم اعتبروا ما كان بصيغة الشرط يمينا اعتبارا بمعناه دون لفظه، وإنما منعوا ذلك في الطلاق والعتاق.

ويفهم من قوله صلى الله عليه وسلم: «كفارة النذر كفارة يمين (٣)» مع قوله صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (٤)» أن الذي يجب الوفاء به بالاتفاق هو نذر التبرر والطاعة المذكور في هذا الحديث (٥)، وأما


(١) سورة التحريم الآية ٢
(٢) بداية المجتهد ٦/ ١١٦ - ١١٨.
(٣) مسلم النذر (١٦٤٥)، الترمذي النذور والأيمان (١٥٢٨)، النسائي الأيمان والنذور (٣٨٣٢)، أبو داود الأيمان والنذور (٣٣٢٣)، أحمد (٤/ ١٤٩).
(٤) صحيح البخاري «البخاري مع الفتح» ١١/ ٥٨١، باب النذور في الطاعة حديث رقم ٦٦٩٦.
(٥) بداية المجتهد ٦/ ١١٨.