للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك عندنا عالمان: فأبطل أحدهما العقد وصححه الآخر إلا أنه حرم على من تزوجها الوطء حتى تضع الحمل؟

* * *

الجواب: إذا تزوج رجل امرأة حاملا من الزنا فنكاحه باطل، فيحرم عليه وطؤها؛ لعموم قوله تعالى: {وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} (١). وقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (٢) وعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره (٣)» رواه أبو داود وصححه الترمذي وابن حبان، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا توطأ حامل حتى تضع (٤)». رواه أبو داود وصححه الحاكم، وبذلك قال مالك وأحمد رضي الله عنهما. وقال الشافعي وأبو حنيفة في رواية عنه: يصح العقد غير أن أبا حنيفة حرم عليه وطأها حتى تضع الحمل؛ للأحاديث المتقدمة، وأباح الشافعي له وطأها، لأن ماء الزنا لا حرمة له، ولا يلحق الولد بالزاني، لقوله صلى الله عليه وسلم: «وللعاهر الحجر (٥)» كما أنه لا يلحق بمن تزوجها، لأنها صارت فراشا له بعد الحمل. بهذا يتبين سبب الخلاف بين الشيخين وأن كلا منهما قال بالحكم الذي قال به من قلده، ولكن الصواب الأول؛ لعموم الآيتين والأحاديث الدالة على المنع.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس

عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز


(١) سورة البقرة الآية ٢٣٥
(٢) سورة الطلاق الآية ٤
(٣) سنن أبو داود النكاح (٢١٥٨)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٠٨).
(٤) سنن الترمذي السير (١٥٦٤).
(٥) صحيح البخاري البيوع (٢٠٥٣)، صحيح مسلم الرضاع (١٤٥٧)، سنن النسائي الطلاق (٣٤٨٤)، سنن أبو داود الطلاق (٢٢٧٣)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٢٩)، موطأ مالك الأقضية (١٤٤٩).