كنت تجد مجتمعا واحدا من الرجال والنساء تسودهما علاقات عفوية جادة، فكانت النساء يشهدن مجالس العلم بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم دون حواجز، وكانت المرأة تعبر عن رأيها دون أن يطرح أحد في مسجد النبي قضية هل إن صوتها عورة أم لا؟ فكن يجادلن في مجلس النبي وخلفائه، وكانت السيدة عائشة تتصدى للفتوى، وكانت النساء يستشرن في أمهات القضايا السياسية .. فلا عزل بين الرجال والنساء في صلاة أو مجلس علم أو سوق أو ساحة جهاد أو مجلس تشاور في أمور المسلمين، ولا عزل بين الرجال والنساء فللمرأة أن تستقبل ضيوف الأسرة وتحدثهم وتخدم ضيوف زوجها، وكل ذلك في إطار آداب الإسلام وتعاليمه، وهي وإن لم تفرض عزلة بين الجنسين فقد فرضت عفة النظر وطهارة القلب وضرورة أن يستشعر كل من الجنسين رقابة الله فلا يسلك سبيلا للإغراء وإثارة الفتنة ... إن الإسلام لا يصل إلى أهدافه في تطهير العلاقات بين الجنسين من التحلل والفساد عن طريق تكثيف الحجب وتحويل البيوت إلى سجون للنساء والحكم عليهن جميعا بما حكم به اللاتي أتين الفاحشة. بل إن تعويل الإسلام في تحقيق أهدافه وقيمه إنما يقوم أساسا على التوعية والتربية العقائديتين وإشاعة أجواء الطهر والعفة والتعاون على الخير في العلاقات البشرية) (١).