للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتأسيا بالنبي – صلى الله عليه وسلم – في مصالحته لأهل مكة ولليهود في المدينة وفي خيبر، وقد قال – عليه الصلاة والسلام – في الحديث الصحيح: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والعبد راع في مال سيده، ومسؤول عن رعيته (١)»، وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٢).

وهذا كله عند العجز عن قتال المشركين، والعجز عن إلزامهم بالجزية إذا كانوا من أهل الكتاب أو المجوس، أما مع القدرة على جهادهم وإلزامهم بالدخول في الإسلام أو القتل أو دفع الجزية – إن كانوا من أهلها – فلا تجوز المصالحة معهم، وترك القتال وترك الجزية، وإنما تجوز المصالحة عند الحاجة أو الضرورة مع العجز عن قتالهم أو إلزامهم بالجزية إن كانوا من أهلها، لما تقدم من قوله – سبحانه وتعالى –:


(١) أخرجه البخاري في كتاب العتق، باب كراهية التطاول على الرقيق، برقم (٢٥٥٤)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل، برقم (١٨٢٩).
(٢) سورة الأنفال الآية ٢٧