ومن هنا يتضح أنه لا يجوز أن يقال: لا إنكار في مسائل الخلاف، لأنه قد يكون فيها ما دليله واضح من الكتاب والسنة الصحيحة، ولكن خفي على بعض العلماء فقال برأيه فيجب على مخالفه الإنكار عليه إذا اتضح له صحته، بخلاف مسائل الاجتهاد وهي التي لا نص فيها فإنه لا إنكار فيها على من خالف الرأيين، أو الآراء حسب اجتهاده وتحريه للحق.
وهكذا ينتهي الحديث عن هذا الأصل، وبانتهائه تنتهي الأصول العشرون الرئيسية في منهج الشيخ – رحمه الله – في الفتوى، وأعترف أنها خطوط عريضة، وملامح خاطفة بحاجة إلى مزيد بسط ودراسة، وإني لأرى أن كل أصل منها بحاجة إلى بحث مستقل يتم من خلاله الاستقراء والاستقصاء، لكن لعلي وفقت – بجهد المقل – لأن أرسم صورة مختصرة عن منهجه – رحمه الله – في الفتوى؛ تكون نبراسا للباحثين وطلاب العلم عامة، والمتخصصين في الفتوى خاصة، فهو – بلا مبالغة – إمام فريد في عصره، بحر محيط في علمه، جدير بإبحار المختصين للحصول على درره ولآلئه، وأصدافه عليه – رحمه الله.