للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال مجاهد وقتادة: " تبصرة للناس في الظلام "، وقال عطاء: " موعظة ليتعظ بها المؤمن. . " وقال ابن عباس: " تذكرة للنار الكبرى "، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم، قالوا والله إن كانت لكافية يا رسول الله؟ قال: فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها (١)» أخرجه البخاري ومسلم.

وقوله: {وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} (٢) أي للمسافرين قاله ابن عباس، يعني منفعة للذين ينزلون بالقواء، وهي الأرض القفر، كالمسافرين وأهل البوادي النازلين في الأراضي المقفرة يقال: أرض القفاء بالمد والفصل أي مقفرة. ويقال: أقوى إذا سافر أي نزل القوى، وخصوا بالذكر، لأن منفعتهم بها أكثر من المقيمين فإنهم يوقدونها بالليل لتهرب السباع، ويهتدي الضال إلى غير ذلك من المنافع.

وقال مجاهد: المقوين المستمتعين بها من الناس أجمعين في الطبخ والخبز والاصطلاء والاستضاءة وتذكرنا جهنم، وقال ابن زيد: للجائعين في إصلاح طعامهم، يقال: أقويت منذ كذا وكذا، أي ما أكلت شيئا، وبات فلان للقوى أي جائعا.

وقال قطرب: القوى من الأضداد: يكون بمعنى الفقر، ويكون بمعنى الغنى يقال أقوى الرجل إذا لم يكن معه زاد وأقوى إذا قويت دوابة وكثر ماله. والمعنى جعلناها منا ومنفعة للأغنياء والفقراء لا غنى لأحد عنها، وقال المهدوي: الآية تصلح للجميع؛ لأن النار يحتاج إليها المسافر والمقيم والغني والفقير، وحكى الثعلبي عن أكثر المفسرين القول الأول وهو الظاهر، انتهى.


(١) صحيح البخاري بدء الخلق (٣٢٦٥)، صحيح مسلم الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٤٣)، سنن الترمذي صفة جهنم (٢٥٨٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٦٧)، موطأ مالك الجامع (١٨٧٢)، سنن الدارمي الرقاق (٢٨٤٧).
(٢) سورة الواقعة الآية ٧٣