للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا يدل على عظم العرش، وكبر مساحته؛ حيث بلغ من سعته وكبر حجمه أنه لا يقدر أحد من الخلق قدره، وإنما علم ذلك إلى الله وحده.

ومن عظم العرش أنه أثقل المخلوقات وزنا لما أخرجه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجويرية رضي الله عنه: «لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته (١)».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - بعد هذا الحديث -: فهذا يبين أن زنة العرش أثقل الأوزان (٢).

المطلب الثاني: العرش الكريم:

قال تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} (٣).

الكريم: اسم جامع لكل ما يحمد، والعرب تجعل الكريم تابعا لكل شيء نفت عنه فعلا تنوي به الذم (٤). قال الراغب الأصفهاني: وكل شيء شرف في بابه، فإنه يوصف بالكرم (٥).

ووصف العرش بالكريم لنزول الرحمة والخير منه، أو باعتبار من


(١) أخرجه مسلم في صحيحه ٤/ ٢٠٩٠، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، رقم ٢٧٢٦.
(٢) مجموع الفتاوى ٦/ ٥٥٣.
(٣) سورة المؤمنون الآية ١١٦
(٤) انظر تهذيب اللغة، ولسان العرب، مادة: "كرم".
(٥) المفردات، مادة: "كرم".