للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمر جامع دون أن يستأذنوا منه، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} (١) الآية.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " فإذا جعل الله من لوازم الإيمان أنهم لا يذهبون مذهبا إذا كانوا معه إلا باستئذانه، فأولى أن يكون من لوازمه ألا يذهبوا إلى قول ولا مذهب علمي إلا بعد استئذانه، وإذنه يعرف بدلالة ما جاء به على أنه أذن فيه ".

أفبعد هذا يأتي من لا علاقة له بالعلم الشرعي لا من قريب ولا من بعيد فيدعو إلى طرح بعض أنواع السنة المطهرة؟!

أشهد لقد ضل ضلالا مبينا وعصى الله ورسوله وأهدر جهود علمائنا الذين ميزوا بين الصحيح والحسن والضعيف، والذين - كما يقول الدكتور مصطفى السباعي - رحمه الله: " لا يستطيع من يدرس موقف العلماء - منذ عصر الصحابة إلى أن تم تدوين السنة - من الوضع والوضاعين وجهودهم في سبيل السنة صحيحها من فاسدها، إلا أن يحكم بأن الجهد الذي بذلوه في ذلك لا مزيد عليه، وأن الطرق التي سلكوها هي أقوم الطرق العلمية للنقد والتمحيص، حتى لنستطيع أن نجزم بأن علماءنا - رحمهم الله - هم أول من وضعوا قواعد النقد العلمي الدقيق للأخبار والمرويات بين أمم الأرض كلها، وأن جهدهم في ذلك جهد تفاخر به الأجيال وتتيه به على الأمم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم " (٢).

وما قول هذا وأمثاله إلا مصداق قوله - صلى الله عليه وسلم -: «يوشك رجل منكم متكئا على


(١) سورة النور الآية ٦٢
(٢) السنة ومكانتها في التشريع ص٩٠.