للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها كانت أغلب السنة النبوية التي شهدها بل عاشها وشارك في أحداثها بعض هؤلاء السابقين الأولين.

وفي المدينة أيضا كانت جهود أمثال عبد الله بن عمر في تجميع السنة وروايتها وتفهمها، وكانت جهود أمثال زيد بن ثابت في خدمة القرآن والسنة والفتيا والفرائض والقضاء.

وفيها تلقى الصحابة من النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة، أو بواسطة خاصته الثقات الأدنين، فاستغنوا في كثير من الحالات بحصيلتهم السنية الوثيقة عن الاجتهاد بالرأي.

وفي المدينة، عاش فقهاؤها السبعة الذين كانوا إذا جاءتهم المسألة دخلوا جميعا، فنظروا فيها، ولا يقضي القاضي حتى يرفع إليهم القضية، فينظرون فيها، فيصدرون الحكم (١).

وهؤلاء الفقهاء هم:

١ - سعيد بن المسيب (١٥ - ٩٤ هـ) الموصوف بأنه سيد التابعين، وقد كان - مثل زملائه فقهاء الحجاز آنئذ - يستغني غالبا بحفظ الآثار الكثيرة في الحجاز عن استعمال الرأي الذي لم تكن تدعو إليه وقتئذ حاجة ماسة، وكانوا - في هذا - يقفون شيوخهم أمثال عبد الله بن عمر بن الخطاب، (٢) على أن ابن المسيب - كما تذكر بعض تراجمه - كان أحفظ الناس لأحكام عمر بن الخطاب وأقضيته حتى سمي راوية عمر.


(١) انظر الزركلي: الأعلام ج٣ ص١١٥ (حاشية على ترجمة سالم بن عبد الله بن عمر). .
(٢) السايس: نشأة الفقه الاجتهادي وأطواره ص ٨٥ و ٨٦.