للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي غزوة الخندق انسحب المنافقون ولم يشاركوا المؤمنين.

فإنه لما جاءت الأحزاب قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم حفر الخندق حول المدينة وعمل المسلمون معه في هذا العمل الشاق مع الخوف والبرد والجوع، وكان المنافقون يرجعون إلى بيوتهم بغير إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويورون بالضعيف من العمل ويتسللون مختفين يعلمون أن عملهم هذا لا يحبه الله ورسوله، قال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (١) (٢).

يحذر الله عباده من دعاء الرسول عليهم إذا أسخطوه فإن دعاءه موجب لنزول البلاء، فليس دعاءه كدعاء غيره، ومن أسباب سخطه صلى الله عليه وسلم الانصراف عنه في الأمر الذي يجمعهم، والله يعلم حال المنافقين الذين يخرجون في تستر وخفية منه صلى الله عليه وسلم يستر بعضهم بعضا ويروغ لواذا عن نبي الله صلى الله عليه وسلم وعن كتابه، وقيل يلوذ بعضهم ببعض، وقيل لواذا من الصف. وفعلهم هذا وإن خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يخفى على الله فليتق الله من يفعل ذلك أن تصيبه فتنة فيطبع الله على قلبه فلا يأمن أن يظهر الكفر بلسانه فتضرب عنقه في الدنيا، أو يصيبه


(١) سورة النور الآية ٦٣
(٢) انظر: السيرة لابن هشام (٣/ ٢٢٦) ودلائل النبوة للبيهقي (٣/ ٤٠٩).