للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك من الأمثلة على ذلك حيث ندم على تخلفه، يقول - رضي الله عنه -: «كنت إذا خرجت في الناس - بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم - فطفت فيهم، أحزنني أني لا أرى إلا رجلا مغموصا عليه النفاق، أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء (١)»، ويقول: «فلما بلغني أنه توجه قافلا - أي راجعا - حضرني همي (٢)»، لكن المنافقين لشكهم في دينهم، وإيثارهم الدنيا على الآخرة، يفرحون إذا خرج المسلمون للجهاد ولم يخرجوا معهم، لظنهم بأنهم قد فازوا بهذا الاختيار.

قال تعالى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} (٣).

وصف الله هؤلاء الذين تخلفوا عن غزوة تبوك التي كانت في شدة الحر وطيب الظلال والثمار، حيث فرحوا بتخلفهم عن الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به، وجهاد أعدائه، فحساباتهم المادية تشعرهم بأنهم قد انتصروا بهذا الاختيار، فهم مسرورون، وهم في الحقيقة مخذولون خاسرون ثواب الله وجنته فكان الواجب عليهم الحزن لفوات الأجر.


(١) انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب المغازي (٨/ ١١٤).
(٢) انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب المغازي (٨/ ١١٤).
(٣) سورة التوبة الآية ٨١