للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأنوار هدايته وتسير على النهج الذي رسمه لها وتستمد من سنته ما يوضح لها طرق الهدى، فمن صد عن سنته وأعرض عنها فهو أضل من حمار أهله، أما إن أراد بمدد الرسول صلى الله عليه وسلم فوائد اتباعه وآثار الاقتداء بسنته وبركات العمل بشريعته فهذا أيضا لم ينقطع بموته، فنحن نعتقد أن من سار على نهجه واقتفى طريقه حصلت له البركات وأمده الله بفضله وعطائه وانتفع في هذه الحياة بنتائج هذا الاتباع كسائر الأعمال الصالحة، فإن العمل الصالح سبب في كثرة الخير وحلول البركة وسعة الرزق وطيب الحياة ورغد العيش، والنصر على الأعداء وحصول العلم والفهم والفتح من الله والإلهام والتوفيق لعمل الصالحات والحفظ عن المنكرات، لكن لا يضاف المدد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلا حيث إنه ببركة اتباعه، وإلا فالله هو الذي يمد العاملين، ويعطيهم ويتفضل عليهم، لأنه تعالى مالك الملك وبيده النفع والضر والعطاء والمنع والخفض والرفع، فإن أراد هذا الكاتب بمدد الرسول صلى الله عليه وسلم إعطاءه لمن سأله ونصره لمن استنصر به وإجابته لمن دعاه ونحو ذلك فمثل هذا لا يملكه الرسول صلى الله عليه وسلم لا في حياته ولا بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، بل هو إلى الله تعالى كما قدمنا بعض الأدلة على ذلك كقوله تعالى: {قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ رَشَدًا} (١) {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} (٢) وقوله {قُلْ لاَ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ} (٣) وقوله صلى الله عليه وسلم لأقاربه «أنقذوا أنفسكم من النار لا أغني عنكم من الله شيئا (٤)» وقوله في حديث الغلول: «لا أغني عنك من الله شيئا قد أبلغتك (٥)» فإذا كان لا يملك جنس هذا المدد في حياته فهكذا لا يملكه بعد مماته، بل لا يملكه أحد من خلق الله لا ملك مقرب ولا نبي مرسل فضلا عن غيرهما، فمن اعتقد أنه صلى الله عليه وسلم يمد من سأله ويعطي من طلبه وينفع من دعاه مع الله فقد جعله لله ندا وصرف له خالص حق الله، وهذا النوع من الإمداد هو مراد هذا الكاتب وأضرابه وغاب عنهم أن الصحابة ومن


(١) سورة الجن الآية ٢١
(٢) سورة الجن الآية ٢٢
(٣) سورة الأنعام الآية ٥٠
(٤) رواه البخاري ٤٧٧١ عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٥) رواه البخاري رقم ٣٠٧٣ وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه.