للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما قولهم: إن هذا في حق اليهود والنصارى، فليس بصحيح؛ لأن الأصل في الأدلة الشرعية أنها عامة، والرسول عليه الصلاة والسلام قال ذلك ليحذرنا أن نعمل مثل عملهم، ويدل على العموم ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (١)».

وأما ما ذكرته من التبرك بالصالحين الأموات رجاء نفعهم والقرب منهم وشفاعتهم: فهذا لا يجوز، وهو من الشرك الأكبر، قال تعالى عن المشركين أنهم قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (٢)، وقال تعالى عنهم في سورة يونس: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (٣)

وأما التبرك بالصالحين الأحياء فبدعة؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوه فيما بينهم لا مع الخلفاء الراشدين ولا مع غيرهم، ولأنه وسيلة إلى الشرك بهم فوجب تركه، وقد يكون شركا أكبر إذا اعتقد في الصالح أنه ينفع ويضر بتصرفه، وأنه يتصرف في الكون


(١) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٣٢).
(٢) سورة الزمر الآية ٣
(٣) سورة يونس الآية ١٨