للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني مائة جلدة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله تعالى: الوليدة والغنم ردا عليك، وعلى ابنك مائة جلدة وتغريب عام، واغد يا أنيس - لرجل من أسلم - إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها (١)» أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة وغيره.

وتارة يكون الحد بالرجم، وذلك إذا كان المعترف بالزنى محصنا، لما روى الإمام مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أما بعد؛ أيها الناس إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: (لا نجد آية الرجم في كتاب الله فيقضوا بترك فريضة قد أنزلها الله، فالرجم حق في كتاب الله، حق على كل من زنى إذا أحصن، من الرجال ومن النساء - إذا قامت البينة أو الحبل والاعتراف (٢)». أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك مطولا. وفي رواية عنه «ولولا أن يقول قائل أو يتكلم متكلم: إن عمر زاد في كتاب الله ما ليس منه لأثبتها كما نزلت (٣)» أخرجه الإمام أحمد والنسائي.

ثم علق ابن كثير رحمه الله على ذلك بعد أن أورد جملة أحاديث قائلا: " وهذه طرق متعددة متعاضدة على أن آية الرجم كانت مكتوبة فنسخت تلاوتها وبقي حكمها معمولا به والله أعلم ". ثم عرض ابن كثير رحمه الله لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم ماعز والغامدية، وقال - ردا على من ذهب إلى جمع الجلد إلى الرجم في حق الزاني المحصن -: لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلدهم قبل الرجم، وهذا مذهب جمهور العلماء، وإليه ذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله، وذهب الإمام أحمد إلى أنه يجب أن يجمع على الزاني المحصن بين الجلد للآية والرجم للسنة؛ لما روى الإمام أحمد وأهل السنن عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم (٤)» قلت: ويمكن الجمع بين الحديثين بمعرفة تاريخ المتقدم


(١) صحيح البخاري الشروط (٢٧٢٥)، صحيح مسلم الحدود (١٦٩٨)، سنن الترمذي الحدود (١٤٣٣)، سنن النسائي آداب القضاة (٥٤١١)، سنن أبو داود الحدود (٤٤٤٥)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٤٩)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١١٥)، موطأ مالك الحدود (١٥٥٦)، سنن الدارمي الحدود (٢٣١٧).
(٢) صحيح البخاري الحدود (٦٨٣٠)، صحيح مسلم الحدود (١٦٩١)، سنن الترمذي الحدود (١٤٣٢)، سنن أبو داود الحدود (٤٤١٨)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٥٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٥٦)، سنن الدارمي الحدود (٢٣٢٢).
(٣) سنن أبو داود الحدود (٤٤١٨)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٩)، موطأ مالك الحدود (١٥٦٠).
(٤) صحيح مسلم الحدود (١٦٩٠)، سنن الترمذي الحدود (١٤٣٤)، سنن أبو داود الحدود (٤٤١٥)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٥٠)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٢٧)، سنن الدارمي الحدود (٢٣٢٧).