للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولذلك يزيد الشاطبي المسألة وضوحا فيقول: (وينبغي ألا يصمم على تقليد من تبين له في تقليده الخطأ شرعا، فإذا تبين له في بعض مسائل متنوعة الخطأ والرجوع عن صوب العلم الحاكم، فلا يتعصب لمتبوعه بالتمادي على اتباعه فيما ظهر فيه خطؤه، لأن تعصبه يؤدي إلى مخالفة الشرع أولا، ثم مخالفة متبوعه. . . لخروجه عن شرط الاتباع؛ لأن كل عالم يصرح أو يعرض بأن اتباعه إنما يكون على شرط أنه حاكم بالشريعة لا بغيرها) (١) فالخلاصة أن التقليد جائز في الشريعة، وأن المقلد إنما يقلد العالم؛ لأنه دليله إلى حكم الله، ثم أيضا يجب عليه ألا يصر على تقليده إذا تبين له خطؤه، أو ترجح عنده غيره؛ لأن المجتهد بالنسبة للعامي بمثابة الدليل الظني إذا عورض بأقوى منه سقط، وقد أكد هذا المعنى شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: (وأما تقليد العالم حيث يجوز، فهو بمنزلة اتباع الأدلة المتغلبة على الظن، كخبر الواحد والقياس، لأن المقلد يغلب على ظنه إصابة العالم المجتهد، كما يغلب على ظنه صدق المخبر) (٢) فإذا تيقن المقلدون هذه الأمور والتزموا بهذه الآداب، سار


(١) الاعتصام (٢/ ٣٤٥)
(٢) مجموع الفتاوى (٢٠/ ١٧)