للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأرض، فالأبناء يقلدون الآباء، والصغار يقلدون الكبار في أخلاقهم وعاداتهم وطرق حياتهم.

ولما جاء الإسلام وعرفت الأحكام كان من بين الناس في القرون المفضلة مقلدون يأخذون الأحكام وما يتعلق بها من علمائهم، ويسألونهم عما يعرض لهم، والمحفوظ من فتاوى الصحابة والتابعين شاهد على هذا الأمر الذي لا مجال فيه للشك فضلا عن الإنكار.

ولما كثر الإقبال على تعلم العلم، وانصرف عدد من الناس إلى الاهتمام به ودراسته، برز جمع من العلماء ممن بلغوا في العلم منزلة عالية، فتصدروا للتدريس والإفتاء، فقصدهم الطلاب والتفوا حولهم، وأخذوا ينهلون من موردهم ويقيدون ما يأخذونه عنهم، حتى إذا ذهب الجيل الأول أخذ الجيل الثاني - جيل التلاميذ - مكان الصدارة، وكان من الطبيعي أن ينهج كل تلميذ منهج شيخه وطريقته في التأصيل والتفريع غالبا، وكان من الطبيعي أيضا أن يستشهد بأقوال شيخه ويوليها اهتماما في تدريسه، وذلك لما لشيخه من المكانة في قلبه، إضافة إلى ذلك فإن الإنسان يألف الأفكار والتصورات التي تأتيه ابتداء ويطمئن لها ويعتقد صحتها، خصوصا إذا جاءته من ثقة عنده، فيسخر جميع إمكاناته لتأييدها ونصرها ورد ما يخالفها.