للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالتأليف والمناظرات.

وهذا الواقع الذي لا يستطيع الباحث إنكاره، بل يقف أمامه مشدوها بتساؤل: كيف ركن علماء أجلاء فطاحل إلى التمذهب والتقليد واستساغوه؟

وللإجابة عن هذا السؤال أعرض هذه النقاط:

أولا: لم يكن علماء المذاهب - بل لم يكن علماء المذهب الواحد - على قدر واحد من حيث التقليد والتمذهب، بل كان هذا الأمر فيهم على مراتب، أدناها الانتماء المجرد، وأعلاها التعصب المقيت وتحريم الصلاة خلف المخالف للمذهب، ولبيان ذلك أقول: إن المذهب الواحد ينسب إليه عدة طبقات، يختلف تناولهم للمذهب من طبقة إلى طبقة، ومن فرد إلى فرد، ولنضرب لذلك مثلا:

فالإمام أحمد رحمه الله يفتخر به الحنابلة ويوردون أقواله على أنها آراء مذهب الحنابلة، فهي من المذهب وهو إمام المذهب.

وتلاميذ الإمام يأخذ علماء المذهب اختياراتهم وترجيحاتهم بين الروايات على أنها من مذهب الحنابلة، وعلى أنهم أئمة الحنابلة.

ثم هناك فئة تابعت الإمام في أصوله وخرجت عليها فروعا، فما خرجوه يعده الحنابلة المتأخرون من مذهبهم، ويصنفون هؤلاء العلماء مع الحنابلة، وفئة أخرى تابعت الإمام ومتقدمي الأصحاب