الأول سياسي: حيث تبنت الدولة العباسية مدرسة الرأي التي يمثلها الحنفية، وقربت رجالها، فكانوا يولون القضاء والمناصب الدينية لمن هو على منهجهم، ولذا توجه كثير من الطلاب لدراسة هذا المذهب رغبة في الفوز بالمناصب، كما دعا هذا الصنيع الفريق المقابل وأبرزهم الشافعية إلى التعصب لمذهبهم ومحاولة الدعوة إليه والدفاع عنه، وهكذا نشأت بذرة التمذهب، وقد كان للمالكية في المغرب المهمة نفسها التي قام بها الحنفية في المشرق، حيث نصر مذهبهم بالأندلس هشام بن عبد الرحمن بن معاوية. (١)
والأمر الثاني عقدي: ذلك أن الحنابلة - في الجملة- كانوا يتبنون المذهب السلفي في الصفات وبعض العقائد التي يخالفهم فيها الأشاعرة والمعتزلة، وهذا جعل أرباب المذاهب الأخرى يتعصبون ضدهم ويحاربون مذهبهم، فكان رد الفعل من الحنابلة التعصب لمذهبهم والدعوة إليه والرد على مخالفيه، وقد حدث بسبب ذلك عدة فتن في عدد من البلدان الإسلامية، كان أغلب من يثيرها العامة من الحنابلة وغيرهم.
ثالثا: مما مكن للتمذهب بل لاختفاء الاجتهاد خصوصا فيما بعد القرن الخامس، إحجام كثير من العلماء عن الاجتهاد، إما رغبة في