أما ما ذكره العباسي من أن دراسة المذاهب مرحلة مؤقتة وضربه المثل بسلفيي دمشق، فأرى أن في الأمر مبالغة؛ لأن هذه الكتب فيه الصواب وفيها الخطأ، فلم يترك صوابها مع غلبته لوجود الخطأ.
ثم هل هي إلا ثمرة استنباط واجتهاد على ضوء الكتاب والسنة والإجماع والقياس وأدلة الشريعة الأخرى قام بها علماء لهم مكانتهم وقدرهم، فلم لا يدرسها من يطالب بتركها ويعرف صحيحها فيأخذه، فيكون متبعا على القول بوجود مرتبة الاتباع، إذ إن المذاهب لا تموت بموت أصحابها على الصحيح.
وحينئذ لا حاجة بنا إلى أن نبدأ من حيث بدأ السابقون؛ لأننا حينئذ ندعو إلى ظهور مذاهب جديدة، وهل نشأت المذاهب إلا بإمام مشهور تجمع حوله التلاميذ فأعجبوا بطريقته، ثم التف حولهم العامة حتى سمي مذهب فلان.
ولنعد الآن إلى استعراض الأدلة التي استدل بها أصحاب الأقوال الثلاثة في مسألة التمذهب: