للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقيل له: فإن كان الإمام قد خرج منه الدم ولم يتوضأ هل تصلي خلفه؟ قال: (كيف لا أصلي خلف مالك وسعيد بن المسيب؟) (١) وأخبار السلف في هذا كثيرة، فالأئمة رحمهم الله لا يرون أنهم خير من مخالفيهم، أو أن مخالفيهم على غير هدى، بل كل يعرف لصاحبه حقه ويعمل بما أداه إليه اجتهاده، ويعلم أن هذا الاختلاف كما قال ابن العربي: (اختلاف العلماء رحمة للخلق، وفسحة في الحق، وطريق مهيع إلى الرفق) (٢) اهـ، أو كما قال قبله عمر بن عبد العزيز: (ما أحب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا؛ لأنه لو كان قولا واحدا لكان الناس في ضيق، فلو أخذ رجل بقول أحدهم كان في سعة) (٣)

٥ - أن على العلماء وطلبة العلم من أرباب المذاهب الابتعاد عن المناظرات والمجادلات في كل مسألة لا يطمع فيها أحد الطرفين أن يرجع صاحبه إلى الحق إذا ظهر له، وليس فيها فائدة ترجع إلى استجلاب مودة ولا إلى توطئة القلوب لوعي الحق، بل هي كما نقل الإمام ابن تيمية


(١) رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (١٠٩٧)
(٢) أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ٣٢٢)
(٣) جامع بيان العلم وفضله (٢/ ٨٠)