للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة) وقد قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (١)، فهذا هو العمل المقبول الذي لا يقبل الله من الأعمال سواه، وهو أن يكون موافقا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرادا به وجه الله، ولا يتمكن العامل من الإتيان بعمل يجمع هذين الوصفين إلا بالعلم، فإنه إن لم يعلم بما جاء به الرسول لم يمكنه قصده، وإن لم يعرف معبوده لم يمكنه إرادته وحده. فلولا العلم لما كان عمله مقبولا، فالعلم هو الدليل على الإخلاص وهو الدليل على المتابعة، وقد قال الله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (٢)، وأحسن ما قيل في تفسير الآية: أنه إنما يتقبل الله عمل من اتقاه في ذلك العمل، وتقواه فيه أن يكون لوجهه على موافقة أمره. وهذا إنما يحصل بالعلم، وإذا كانت هذه منزلة العلم وموقعه علم أنه أشرف شيء وأجله وأفضله" (٣)

وقوله كذلك: "ولا ريب أن العلم بالله وبأسمائه وصفاته وأفعاله أجل العلوم وأفضلها وأشرفها، فهو أصلها كلها، ... وهو أيضا أصل علم العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه وآخرته. والجهل به مستلزم


(١) سورة الكهف الآية ١١٠
(٢) سورة المائدة الآية ٢٧
(٣) المصدر السابق، ص٨٥.