للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على تحريم الخمر، ولا خلاف في هذا لأحد من ذوي الفهم في النصوص والأحكام، وقد نقله غير واحد من أئمة الإسلام، قال في المغني والشرح الكبير: وأجمعت الأمة على تحريمها، وإنما حكي عن قدامة بن مظعون وعمرو بن معد يكرب وأبي جندل بن سهل أنهم قالوا عنها حلال لقول الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} (١). الآية فقد بين لهم علماء الصحابة معنى هذه الآية وتحريم الخمر، وأقاموا عليهم الحد لشربهم إياها فرجعوا إلى ذلك فانعقد الإجماع، فمن استحلها الآن فقد كذب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قد علم ضرورة من جهة النقل تحريمه فيكفر بذلك ويستتاب فإن تاب وإلا قتل. روى الجوزجاني بإسناده عن ابن عباس أن قدامة بن مظعون شرب الخمر فقال له عمر: ما حملك على ذلك؟ فقال: إن الله عز وجل يقول: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} (٢) الآية وإني من المهاجرين الأولين من أهل بدر وأحد، فقال عمر للقوم: أجيبوا الرجل، فسكتوا عنه، فقال لابن عباس أجب فقال: " إنما أنزلها الله عذرا " للماضين لمن شربها قبل أن تحرم وأنزل {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} (٣) حجة على الناس، ثم سأل عمر عن الحد فيها، فقال علي بن أبي طالب " إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، فاجلدوه ثمانين جلدة " فجلده عمر ثمانين.

وإذا ثبت هذا فالمجمع على تحريمه عصير العنب إذا اشتد وقذف بالزبد وما عداه من الأشربة المسكرة فهو محرم وفيه اختلاف نذكره إن شاء الله.


(١) سورة المائدة الآية ٩٣
(٢) سورة المائدة الآية ٩٣
(٣) سورة المائدة الآية ٩٠