كالتي بعث الرسل إليها، ولم تكن مهمة الرسل حين بعثوا إليها إلا رد الناس إلى تلك الثوابت واستئناف تأسيسهم عليها.
لمثل هذه المخاوف الشرعية، ولما جرت عليه طريقة الشرع من حماية حمى الثوابت بسد الذرائع إلى الباطل عنها، أكتب هذه الدراسة في بيان أهمية دراسة التوحيد، فإن في طلب رفع اسم " التوحيد " عن منهج يخصه، في مواد التعليم الشرعي، حصول ما ذكر من المخاوف، إذ التوحيد شعار الملة، وهو جماع أمرها، وهو مقصدها وغايتها، فإن اختفى اسمه واقتصر فيه على رؤوس أقلام ومفردات عامة فماذا بقي من الملة؟!!
أي صورة هشة مهزوزة مختلطة المعالم لا تبدي حقيقة ولا توضح موضوعا تلك التي يعرض فيها التوحيد في منهج عام مجمل يسمى الثقافة الإسلامية؟!! كيف يكون التوحيد حين يتناوله المنهج على هذا النحو ثابتا أساسا؟!! وكيف يكون شعارا ومقصدا؟!! أي خصوصية لهذه الثقافة في مثل هذا العرض؟!! وأي منهج للأمة وأفرادها فيه؟!! وقد كتبت هذه الدراسة ملتفتا إلى هذا المقصد المذكور، وهو التذكير بأهمية دراسة التوحيد، وأن يبقى لهذا الاسم خصوصيته العليا التي لا تدافع بنزوة، ولا تداحض بأي شبهة، لينتبه كل من جرته نزوة أو شبهة إلى منزلة التوحيد التي بها جماع حياة الفرد والجماعة والخلق، وعليها مدار السعادة في الدارين، وليعلم أن التوحيد معقد الاستقامة، وأنه الثابت الأساس لأمن الحياة الإنسانية وتغيراتها، هو صمام أمانها،