للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمى وضلال، فكرر عليهم الحجة بعدم أهلية الناقص للعبادة، فلم يجدوا حجة ناقضة، فلجؤوا إلى البطش وإلغاء وجوده، شأن فاقد الحجة إذا أخذته العزة بالإثم، {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ} (١)، فدل سبحانه على عدم أحقية معبودهم هذا بالعبادة كونه لا يتكلم ولا يهدي، ناقص الصفات والأفعال، ومثله سواء بسواء قوله سبحانه: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} (٢) {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} (٣). وقال سبحانه: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} (٤)، فهذه حجة ظاهرة في أن المستحق للعبادة لا يكون إلا كاملا متصفا بصفات الكمال، لأن من عدمت فيه هذه الصفات لا يكون إلها، وقد نبه بصفتي المشي والبطش إلى نوع الصفات الفعلية، وبصفتي السمع والبصر إلى نوع الصفات الذاتية (٥)

وخلاصة القول: أن التوحيد حق خالص لله عز وجل، استحقه


(١) سورة الأعراف الآية ١٤٨
(٢) سورة طه الآية ٨٨
(٣) سورة طه الآية ٨٩
(٤) سورة الأعراف الآية ١٩٥
(٥) انظر الصواعق المرسلة ٣/ ٩١٥